هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة سنة ثانية اداب وفلسفة
هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة؟
الفلسفة الاسلامية..مقالة جدلية للاستئناس [السنة الثانية اداب وفلسفة
أهلاً بكم طلابنا الاعزاء في موقع باك نت الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمعلوماته الصحيحة يسرنا بزيارتكم أن نقدم حل وملخصات مناهج التعليم الحديث بمنهجية صحيحة ونموذجية بقلم افضل معلمين وخريجي الجامعات كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات في مقالا نا هذا إجابة السؤال القائل... هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة سنة ثانية اداب وفلسفة
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة
I- المقدمة: [طرح المشكلة]
الانسان مفطور على حب اكتشاف الحقيقة يطلبها تارة لاشباع فضوله وتارة اخرى كمحاولة للتعمق في طبيعة الاشياء والامساك بجوهرها وهذا ماينطبق على الفلسفة بمحطات التاريخية المختلفة والواقع ان الفلسفة دخلت إلى العالم الإسلامي عن طريق الترجمة في عهد الخليفة المأمون العباسي، الذي أمر بنقل كتب الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية و لا شك إن نقل الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية ساهم في نشوء جيل من الفلاسفة الكبار، حاول أن يعقلن العقائد الإسلامية بما لا يتعارض مع العقل ولا يتناقض مع النص ولعل أهم ما يميز الفلسفة الإسلامية عن باقي الفلسفات ارتباطها بإشكاليات متعددة أهمها إشكالية التوفيق بين الفلسفة والدين. حيث اختلفت آراء الفلاسفة والمفكرين المسلمين حول هذا الموضوع الشائك. فهناك من أكد أنه يمكن التوفيق بينهما و هناك من أقر العكس. ورفعا للتعارض والجدال بين الموقفين حق لنا أن نتساءل: هل يمكن التوفيق بين الدين و الفلسفة؟
II- /-التحليل(محاولة حل المشكلة):
الأطروحة
يعتقد انصار الاطروحة الاولى ان هناك علاقة تكاملية ووظيفية بين الدين [ الشريعة ] والفلسفة [ الحكمة ] هذه العلاقة تعكس وجود قواسم مشتركة ونقاط تلاقي بينهما فكلاهما مصدر المعرفة ومنبع الحقيقة وتكفي العودة في نظرهم الى قصة[حي بن يقظان]للفيلسوف ابن طفيل ، وهذا ما أكده ايضا إخوان الصفا وخلان الوفا وهم جماعة من رجال الفكر من أهل القرن الثالث الهجري والعاشر الميلادي بالبصرة اتحدوا على أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق الفلسفية المعروفة في ذلك العهد اضافة الى الكندي و ابن رشد. حيث اعتبر إخوان الصفا أنه متى انتظمت الفلسفة مع الشريعة حدث الكمال لذلك قالوا "الشريعة دنست بالجهالات و اختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة". و ذهب الكندي إلى الموقف نفسه حيث يرى أن الفلسفة أشرف العلوم و من الضروري الأخذ بها. لأنها علم الحق وكذلك الدين هو علم الحق فهناك انسجام بينهما و توافق. أما ابن رشد فهو يرى أن الشرع يوجب النظر الفلسفي: حيث بدأ ابن رشد بتحديد معنى الفلسفة قائلا :(فعل الفلسفة ليس أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع) والشرع قد ندب على ذلك أو واجب العمل به كما في قوله تعالى (أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء) "العراف: 184" (فاعتروا يا أولي الأبصار) "الحشر: ". الاعتبار والنظر لا يكون إلا بالقياس العقلي" إذ الاعتبار ليس شيئاً أكثر من استنباط المجهول من المعلوم واستخراجه، هذا هو القياس أو بالقياس ولئن قال قائل أن النظر بالقياس الفقهي لم يكن في أول الإسلام ولم يقل أحد بدعة إلا طائفة من الحشوية. ولما تبين أن الشرع يحث على الأخذ بالقياس العقلي ويوجبه كان على الناس الواجب على المفكر أن يدرس قوانين القياس وذلك بتعلم المنطق والفلسفة. وهو القائل:"الحكمة صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة و هما المصطحبتان بالطبع المستحبتان بالجوهر...". ومنه يمكن التوفيق بين الوحي ومضامينه و العقل ومبادئه
النقد: لكن ما يمكن أخذه على هذا الموقف أنهم بالغوا في تمجيد دور العقل فقد يوقعنا في كثير من المرات في الأخطاء. كما أن الاكتفاء به يحرفنا عن الطريق المستقيم. ومن جهة أخرى فهذا الموقف أهمل الاختلاف الموجود بين أمور العقل و أمور الشريعة.
نقيض الاطروحة
في المقابل يرى عدد آخر من المفكرين والفقهاء أنه لا يمكن التوفيق بين الدين والفلسفة. لأن لكل واحد منهم خصائص تجعله يتميز وينفرد عن غيره. فالدين مثلا يقدم قضايا الإيمان كمسلمات لا يمكن مناقشتها ولا إعمال العقل فيها. فيجب على الإنسان الإيمان بها كما وردت دون الخوض فيها. لأن الدين وحي إلهي معصوم ومنزه عن الخطأ ومتعال عن البشر. أما الفلسفة فمصدرها الإنسان، وهي قائمة على العقل المحدود والنسبي الذي لا يمكنه إدراك حقائق الأمور. كما أن التاريخ يؤكد أن العقل قاصر ووقوعه في الأخطاء أمر وارد، خصوصا في أمور العقيدة وما يتعلق بالأمور الغيبية. وعلى مستوى تقييم الفقهاء للكتابة الفلسفية نجد بعضهم يحذر منها باعتبارها ومن هؤلاء ابن الخطيب الذي قال:" الفلسفة "جهالات" وأن أكثرها لا يفيد إلا تشكيكا ورأيا ركيكا"، ولذلك أكثر الفقهاء تحذيراتهم من هذه الكتابة الفلسفية ولم ينوا عن الدعوة إلى طرحها، مرجعين سبب إقبال البعض على قراءتها إلى خداع ألفاظها ليس غير، فتصبح الفلسفة بهذا كتابة عارية عن الحقيقة وتقوم على معجم لغوي يخدع بـ" لطف رائق" أما نتائج هذه الكتابة فهي كلها ضلال وزور تؤدي إلى الكفر ورفض الشرائع أما سبب هذه النتائج التي تصل إليها الفلسفة و"يتورط" فيها الفلاسفة، فترجع إلى اعتماد الفلاسفة على العقل والمنطق والخيال أما اعتمادهم على العقل فسببه جهل الفلاسفة بعدم إمكانية استقلال العقل عن الشرع، لذلك فالاعتماد عليه كأداة معرفية وحيدة لا يؤدى إلا إلى باطل، ويحدد الفقيه العلاقة الممكنة بين العقل والشرع ليحذر ممن "حدث عن عقله" محذرا من المنطق لأنه سبب البلاء كله وأما الخيال فهو سبب الضلال إن الكتابة الفلسفية إذن عند الفقهاء لا تقوم على أساس علمي لا من حيث شكلها ولا من حيث مضمونها ولا من حيث أدواتها ولا من حيث غاياتها، وقد نتج عن هذا الموقف موقف آخر يعتبر الجهل بالعلوم القديمة من الأمور التي لا تضر المرء شيئا لأن العلم كله والحكمة كلها في الكتاب العزبز، لذلك دعا الفقهاء إلى الاستمساك بالشريعة والاقتصار عليها دون غيرها،باعتبار أن الشريعة هي وحدها التي تقول الكلمة الفصل في كل معرفة ممكنة. حيث هناك من يعتقد أن المعتزلة مثلا عند عقلتنها للدين تكون بذلك قد خرجت عن أصوله ومن ثمة قد يؤدي ذلك الى القول بما يتنافى مع العدل الإلهي. وبالتالي فالسبب الرئيسي فى تعارض العقل والنقل حسب هؤلاء هو تحكيم العقل فى النص من القرآن والسنة وجعل العقل هو الحاكم والمسيطر والمهيمن على تلك النصوص، والعقل له قدرات محدودة وإمكانيات معلومة. فهو مثل قوة الإبصار فى العين، فإذا منعنا عنها الضوء لا ترى. كذلك العقل إذا غاب عنه ضوء الوحى لا يرى. فالعقل له مدارك عن طريق الإبصار و الحس والسمع، الشم، والتذوق. فمثلا إن الإنسان لا يستطيع أن يرى ما هو موجود أمامه على بعد خمسون ميلاً. فهل هذا يعنى عدم وجودها فى ذاتها؟ والإجابة هي لا بل البصر لا يستطيع إدراكها لأنها تعدت حدود إدراكها. فحواس الإنسان جميعها بذلك محدودة الإدراك، فتحكيم العقل فى نصوص القرآن والسنة غير ممكن. لأن العقل محدود الإدراك. و يؤكد هذا الرأي ابن خلدون. حيث أقر هذا الأخير أن العقل محدود و الأمور الغيبية فوق قدرته، فلا يمكن التوفيق بين الدين والعقل. أما أبو حامد الغزالي فقد ألف كتابه تهافت الفلاسفة ليناقش فيه آراء الفلاسفة وينقضها جميعاً، ويحتوي هذا الكتاب على عشرين مسألة، ثمان منها تتعلق بالبارئ وصفاته، وأكبر مأخذ يأخذه الغزالي في هذا الجزء على فلاسفة الإسلام هو أنهم ألغوا الصفات وأنكروا علم الله بالجزئيات، وقد تهكم عليهم تهكما شنيعاً في هذا الصدد قائلا: "وليتعجب العاقل من طائفة يتعمقون في المعقولات بزعمهم، ثم ينتهي أخر نظرهم إلى أن رب الأرباب ومسبب الأسباب لا علم له أصلا بما يجري في العالم، وأي فرق بينه وبين الميت إلا في علمه بنفسه؟ وأي كمال في علمه بنفسه مع جهله بغيره؟ وهذا مذهب تغني صورته في الافتضاح عن الإطناب والإيضاح"
النقد:
لكن ورغم ما قدمه أنصار هذا الطرح إلا أنه لا يمكننا التسليم به مطلقا. حيث لا يمكن إنكار دور العقل ووظيفته في بناء مقاصد الشريعة. ولأن فهم الدين و تفسيره وتأويل المتشابه منه لا يكون إلا بواسطة العقل
التركيب[ الفصل في المشكلة ]نتيجة للانتقادات الموجهة لكلا الاتجاهين سواء القائلون بإمكانية التوفيق بين العقل والنقل أو الذين فصلوا بينهما فصلا تعسفيا. يمكن الإقرار بأنه يوجد توفيق بين الدين والفلسفة و لكن في حدود. فالأمور الغيبية ليس باستطاعة الإنسان الغوص فيها، ذلك لأنها تتعلق بالأمور الإلهية. غير أن هذا لا يمنع القول أنه من الضروري استعمال العقل في تفسير وتأويل الآيات القرآنية لكي يستطيع الإنسان التعرف على مقاصد الشريعة
الخاتمة [حل المشكلة]:
ختاما ومما سبق نستنتج كحل ومخرج من هذه المشكلة المتعلقة بجدلية العلاقة بين الفلسفة والدين. ان العقل والنقل متكاملان وذلك لأن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح بل يشهد له ويؤيده. ومن جهة أخرى فلأن المصدر واحد فالذي خلق العقل أرسل إليه النقل، ومن المحال أن يرسل إليه ما يفسده.