0 تصويتات
في تصنيف ثقافة وعلوم اسلامية بواسطة (527ألف نقاط)

تذكرة الأنام بعشرة مسائل للأشهر الحرم

مرحباً زوار موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة مكتوبة ومؤثرة عن تذكرة الأنام بعشرة مسائل للأشهر الحرم

الإجابة الصحيحة هي 

خطبة الجمعة تذكرة الأنام بعشرة مسائل للأشهر الحرم

الخطبة الأولى

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فحديثنا في هذا اليوم الطليب الأغر عن تذكرة الأنام بعشرة مسائل للأشهر الحرم لنتعرف على تلك المسائل الفقهية والتربوية والاجتماعية التي تتعلق بتلك الأشهر المباركات:

المسألة الأولى: اصطفاء الله للأشهر الحرم

أيها الموحدون: يقول الله تعالى ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ‌وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68].

أيها المسلم: في اختيار الله تعالى واصطفائه بعضَ الملائكة، وأَعْمِل نظرَك في اصطفائه خُلَّصَ البشر؛ ليكونوا رسلًا مبشّرين ومنذرين كما قال سبحانه: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير ﴾ [الحج: 75]، وتفكّر في تفضيله واختياره بعضَ الأماكن على بعض، وكيف اختارَ مكة من بين البقاع لتكون محلًا لبيته الحرام، وكذا الحال في مسجد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، وكذا اختيارُه عز وجل بعضَ الأزمان وتفضيلها على غيرها من أيام الدهر!

وتأمّل في اختياره ما شاء من الأزمنة، فاختص رمضان، ثم اختص ليلةَ القدر من بين ليالي الشهر بتلك الفضائل الجليلة، وجعل أيامَ عشر ذي الحجة أفضلَ أيام الدنيا، وفضّلَ يوم الجمعة من بين سائر الأيام فجعله عيد الأسبوع!

إنه الله سبحانه وبحمده عَظُمتْ حكمتُه، وكمُلَ علمُه، إنه الله الذي يخلق ما يشاء ويختار.

أيها المسلمون: ومن جملة ما اختاره الله تعالى وفضّله، وعظّم أمرَه وفخّمه: الأشهر الحُرُم، التي تعيشون اليومَ أولَ جمعةٍ من جمعها، تلك الأشهر التي ذكرها اللهُ جلَّ جلاله في قوله: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ... ﴾[التوبة: 36]؛ أي: أن عدد الشهور عند الله في قضائه وقدَره الذي مضى في اللوح المحفوظ: اثنا عشر شهرًا ـ وهي هذه الأشهر الهجرية المعروفة ـ منها أربعة حُرُم، وهي ثلاثة متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.

المسألة الثانية: ما هي الأشهر الحرم:

والأشهر الحرم بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع، ففي "الصحيحين": أَنَّهُ قَالَ: « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ...».

الأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وهذه أشهر متوالية، ورجب، وهو المنفرد.

المسألة الثالثة: لماذا حرمها الله:

فإن سألت أخي المسلم عن الحكمة من تحريمها ولماذا سميت بذلك؟

الجواب - بحول الملك الوهاب -: اعلم بارك الله فيك أن هذه الأشهر سميت بذلك لأمرين:

الأول: لأن الله تعالى حرم فيها القتال بين الناس، يقول الله جل وعلا: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ﴾ (البقرة:217)، فدل ذلك على أنه محرم فيها القتال، وذلك من رحمة الله تعالى بعباده حتى يسافروا فيها ويحجوا ويعتمروا.

والثاني: لتعظيم انتهاك المحارم فيها بأشد من تعظيمه في غيرها، وتعظيم الطاعات فيها أيضا؛ وقد ذكر ابن كثير في تفسيره: ( ‌وإنما ‌كانت ‌الأشهر ‌المحرمة ‌أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد، لأجل أداء مناسك الحج والعمرة فحرم قبل أشهر الحج شهرًا وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال وحرم شهر ذي الحجة؛ لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك وحرم بعده شهرًا آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا»[1].

المسالة الرابعة: تعظيم الأشهر الحرم:

واعلموا عباد الله أنه يجب علينا أن نعظم ما عظَّمهُ اللهُ تعالى، فإن هذهِ الأشهُرَ عظيمةَ القدرِ والمكانةِ في شرع اللهِ، ومِن تعظيمِ المؤمنِ لربِّه تعالى: أنْ يُعظِّم ما عظَّمه، بل ذلكَ مِن أمارات خيريَّة العبدِ وتقواهُ، كما قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]، وقال سُبحانه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، وإذا كان أهلُ الجاهليةِ يُعظِّمون هذهِ الأشهرَ بالامتناعِ عنِ القِتالِ فيها، حتى يَمُرَّ الرَّجُلُ بقاتلِ أبيهِ فلا يُؤذيهِ؛ فإنَّ المؤمِنَ الْمُعظِّمَ للهِ ورسولهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أولى بتعظيمها: لا تقليدًا! بل تعبُّدًا واتباعًا.

المسالة الخامسة: صيام الأشهر الحرم:

وهذه الأشهر يضاعف الله تعالى فيها الأعمال لذا ينبغي للمسلم والمسلمة أن ينتهزوا تلك الأشهر في العبادات والطاعات تعظيمًا لها وأن يمتنعوا فيها عما يغضب الله جل جلاله ومن الأعمال التي ينبغي للمسلم أن يقول بها الصوم، لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: « أفضلُ الصِّيامِ بعدَ شَهرِ رمضانَ، شَهرُ اللَّهِ المحرَّمُ»[2].

قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع: «قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وأفضلها المحرم»[3].

وعن مُجِيبَةَ البَاهِليَّةِ، عن أبيها أَوْ عمها: أنه أتَى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ - وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهيئَتُهُ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: «وَمَنْ أنْتَ»؟ قَالَ: أَنَا الباهِليُّ الَّذِي جِئْتُك عام الأَوَّلِ. قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الهَيْئَةِ!» قَالَ: مَا أكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارقتُكَ إِلَاّ بِلَيْلٍ. فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «عَذَّبْتَ نَفْسَكَ!» ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَومًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: زِدْنِي، فَإنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْن» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ ثَلاثَةَ أيَّامٍ» قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: «صُمْ مِنَ الحُرُم ‌وَاتركْ، ‌صُمْ ‌مِنَ ‌الحُرُمِ ‌وَاتركْ، ‌صُمْ ‌مِنَ ‌الحُرُمِ ‌وَاتركْ» وقال بأصابِعه الثَّلاثِ فَضَمَّها، ثُمَّ أرْسَلَهَا[4].

بيض صحيفتك السوداء في رجب

بصالح العمل المنجي من اللهب

شهر حرام أتي من أشهر حرم

إذا دعا الله داع فيه لم يخب

طوبى لعبد زكى فيه له عمل

فكف فيه عن الفحشاء والريب

المسألة السادسة: تعلق العبادات بالأشهر الهجرية:

واعلموا أن الله تعالى علق العبادات بالأشهر العربية هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَعْلِيقُ الْأَحْكَامِ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالشُّهُورِ وَالسِّنِينَ الَّتِي تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ، دون الشهور التي تعتبر ها الْعَجَمُ وَالرُّومُ وَالْقِبْطُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، لِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْأَعْدَادِ، مِنْهَا مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ وَمِنْهَا مَا يَنْقُصُ، وَشُهُورُ الْعَرَبِ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مَا يَنْقُصُ، وَالَّذِي يَنْقُصُ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ لَهُ شَهْرٌ، وَإِنَّمَا تَفَاوُتُهَا فِي النُّقْصَانِ وَالتَّمَامِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْبُرُوجِ.

الواجب في شريعتنا الاعتماد على السنة القمرية في العبادات كالصوم والحج وغيرها، كما عرفتها العرب، دون السنة الشمسية أو العبرية أو القبطية وغيرها، وإن لم تزد على اثني عشر شهرًا. وذلك بدليل الآية التي معنا، حيث ذكر فيها: ﴿ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ﴾؛ والأربعة الحرم من الشهور القمرية وهي: (ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب). وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عن رجب: «الذي بين جمادى وشعبان».

وبدليل قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُورًا، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ﴾ [يونس: 5] فجعل تقدير القمر بالمنازل علة لمعرفة السنوات والحساب، وهو إنما يصحّ بالاعتماد على دورة القمر.

وبدليل قوله تعالى: ﴿ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ﴾ [البقرة 189]، وهو يدل على السنة القمرية واعتبارها في الصيام والزكاة والحج والأعياد والمعاملات وأحكامها.

المسألة السابعة: هل تغلظ العقوبة في الأشهر الحرم:

إخوة الإسلام: ومن المسائل المتعلقة بالأشهر الحرم مسألة الدية وهل تضاعف الدية في هذه الأشهر لحرمتها أم لا؟

الجواب - بحول الملك الوهاب أيها الأحباب -:

اعلموا بارك الله فيكم أنه قد اختلف العلماء من هذا المعنى فيمن قتل في الشهر الحرام خطأ، هل تغلظ عليه الدية أم لا؟

فقال الأوزاعي: القتل في الشهر الحرام تغلظ فيه الدية فيما بلغنا وفي الحرم فتجعل دية وثلثا. ويزاد في شبه العمد في أسنان الإبل.

قال الشافعي: تغلظ الدية في النفس وفي الجراح في الشهر الحرام وفي البلد الحرام وذوي الرحم.

وروي عن القاسم ابن محمد وسالم بن عبد الله وابن شهاب وأبان بن عثمان: من قتل في الشهر الحرام أو في الحرم زيد على ديته مثل ثلثها.

ورُوي ذلك عن عثمان بن عفان أيضا.

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وابن أبي ليلى: القتل في الحل والحرم سواء، وفي الشهر الحرام وغيره سواء، وهو قول جماعة من التابعين. وهو الصحيح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سنَّ الديات ولم يذكر فيها الحرم ولا الشهر الحرام، وأجمعوا أن الكفارة على من قتل خطأ في الشهر الحرام وغيره سواء، فالقياس أن تكون الدية كذلك.

المسألة الثامنة: حرمة الظلم في الأشهر الحرم:

معاشر الموحدين: إن من الأمور المتعلقة بالأشهر الحرم حرمة الظلم فيها سواء كان ذلك الظلم للنفس أو الغير قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ﴿ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج:25].

إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ الْآيَةَ، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ فِي كُلِّهِنَّ ثُمَّ اخْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَّ حَرَامًا وَعَظَّمَ حُرُمَاتِهِنَّ وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ والعمل الصالح والأجر أَعْظَمَ [5].

وقال القرطبي رحمه الله: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب؛ لأن الله سبحانه إذا عظم شيئًا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [الأحزاب:30]. انتهى..[6].

المسالة التاسعة: القتال في الأشهر الحرم:

المسألة: العاشرة السلف والأشهر الحرم: الخطبة الثانية تابع قراءة في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (527ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة مكتوبة عن تذكرة الأنام بعشرة مسائل للأشهر الحرم
المسالة التاسعة: القتال في الأشهر الحرم:    اعلم بارك الله فيك أن أهل العلم قد اختلفوا في النهي عن القتال في الأشهر الحرم هل نسخ أم لا؟    فمذهب الجمهور على نسخه وأن تحريم القتال فيها نسخ، ومن حججهم غزو النبي صلى الله عليه وسلم للطائف في شهر ذي القعدة، وقول آخر: أنها باقية ولم تنسخ، وأن التحريم فيها باقي ولا يزال.    قال القرطبي: «قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ﴾ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَاجِعٌ إِلَى جَمِيعِ الشُّهُورِ. وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إِلَى الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ إِلَيْهَا أَقْرَبُ وَلَهَا مَزِيَّةٌ فِي تَعْظِيمِ الظُّلْمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: ١٩٧] لَا أَنَّ الظُّلْمَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ جَائِزٌ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ. ثُمَّ قِيلَ: فِي الظُّلْمِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ بِالْقِتَالِ، ثُمَّ نُسِخَ بِإِبَاحَةِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِ الشُّهُورِ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَلَفَ بِاللَّهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ مَا يَحِلُّ لِلنَّاسِ أَنْ يَغْزُوَا فِي الْحَرَمِ وَلَا فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ إِلَّا أَنْ يُقَاتَلُوا فِيهَا، وَمَا نُسِخَتْ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غزا هوازن بحنين وثقيفًا بالطائف، وحاصرهم فِي شَوَّالٍ وَبَعْضِ ذِي الْقِعْدَةِ»[7].    وقال الألوسي: «والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيهن منسوخة، وأن الظلم مؤول بارتكاب المعاصي، وتخصيصها بالنهي عن ارتكاب ذلك فيها، مع أن الارتكاب منهي عنه مطلقًا لتعظيمها، ولله سبحانه أن يميز بعض الأوقات على بعض، فارتكاب المعصية فيهن أعظم وزرا كارتكابها في الحرم وحال الإحرام» "[8].    أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.    الخطبة الثانية    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:    المسألة: العاشرة السلف والأشهر الحرم: تابع قراءة في الأسفل
المسألة: العاشرة السلف والأشهر الحرم:    عظّم الإسلام شأن هذه الأشهر وحرّم ابتداء القتال فيها، وقد لام النبي (صلى الله عليه وسلم) الصحابة الذين قتلوا في الشهر الحرام ورفعوا السلاح فيه، وذلك في حادثة بعث الرسول صلى الله عليه وسلم) لعبد الله بن جحش وقد كتب له كتابًا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا على بعد يومين من المدينة وكان معه جملة من أصحابه, فلما بلغ حيث أمره رسول الله فتح عبد الله بن جحش الكتاب فإذا فيه: “إذا نظرت في كتابي هذا فامضِ حتى تنزل بنخلة بين مكة والطائف ترصد فيها قريشًا وتعْلمُ لنا من أخبارهم”، فقال عبد الله في نفسه سمعًا وطاعةً ثم قال لأصحابه: ” قد أمرني رسول الله أن أمضي إلى نخلة أرصد فيها قريشًا حتى آتيه منهم بخبر وقد نهاني أن استكره أحدًا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن أبى ذلك فليرجع, فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد، لكنّهم صادفوا عيرًا لقريش فقتلوا عمرو بن الحضرمي وأسروا منهم رجلين، فلما قدموا على رسول الله غضب غضبًا شديدًا ثم قال لهم: “ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام”، ولم يأخذ مما غنموا شيئًا[9].    وقد كان معروفًا تعظيم العرب شأن هذه الأشهر، وجاء في الصحيحين أنّ وفد عبد القيس جاءوا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) من البحرين وقالوا: "يا رسول الله إنّ بيننا وبينك هذا الحي من كفّار مضر وإنّا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهرٍ حرام فمرنا بأمر فصل نأمر به من وراءنا"[10].    ورد أنّ الإمام علي تجنّب أن تقع حرب صفين في الشهر الحرام ما أمكنه، ورغم بدء مناوشات كثيرة بين الجيشين، إلا أنّ عليًا أرسل إلى معاوية وقال له: «هل لك إلى أن نتهادن شهرًا، وأن لا يحدث فيه قتال، لعل أن نتفاوض ونتفاهم؟»[11].    فلما انسلخ المحرم بعث علي مناديًا، فنادى في عسكر معاوية عند غروب الشمس: إنا أمسكنا لتنصرم الأشهر الحرم، وقد تصرّمت، وإنا ننبذ إليكم على سواء، إن الله لا يحب الخائنين.    ذلك هو العرف السائد والمبدأ المحترم، وقال الحسين الخليع وهو من شعراء المجون في العصر العباسي معبّرا عن رغبته في التخلّص من القيود التي تفرضها الأشهر الحرم:    بنفسي حبيبٌ أَمَّ مكَّةَ مُكرهًا    يُعالجُ مستورًا منَ الحزنِ والألمْ    كلانا وحيدٌ لا يُسرُّ بمؤْنسٍ    منَ النَّاسِ حتَّى تنقضي الأشهرُ الحرمْ    أحنُّ إلى شهرِ المحرَّمِ ليتهُ    غَداةَ غدٍ قد كانَ أوْ بانَ فانصرمْ[12]

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...